في أسوأ الأحوال والتقديرات فإن اليمن لن تعود إلى ما قبل فبراير 2011
مهما استمات رموز عهد الحكم القديم في مقاومة بزوغ حلم اليمنيين التاريخي
في بناء مجتمع متآلف ودولة مدنية ديمقراطية.
وواقعياً لا يمكن لفئة صغيرة السباحة ضد تيار عالمي مهما بدا أنه تخاذل بعض الوقت في إسناد حركة اليمنيين نحو مستقبل يليق بهم فإنه لن يسمح بإخماد هذه الحركة وكبت تطلعاتها تحت أي مبرر.
فالمباحثات الأخيرة بين الأطراف الوطنية والدولية بشأن القضية اليمنية أظهرت أن المجتمع الدولي يعي جانباً كبيراً من أصالة الحركة الشعبية السلمية وغاياتها القويمة بالرغم من حملات التشويش والتشويه التي أنفق عليها النظام موارد هائلة.
وقد بدا في مواقف بعض العواصم الكبرى من التعامل مع النظام وزعامته مؤخراً اتساقاً مع ذلك الوعي واستعداداً لركنه جانباً والتفاهم مع أي إرادة تمثل مقاصد المواطنين ومشروعهم الوطني الذي بذلوا من أجله تضحيات ضخمة على مدى عقود طويلة، تجلت مؤخراً في كفاح سلمي طويل ومواكب عزيزة من الشهداء والتنازل عن مصالح لا حصر لها.
تتعاضد كل تلك المعطيات لتقرير أن نقل السلطة من قبضة الفئة الصغيرة إلى رحاب الشعب الكبير أمر لا مفر منه عبر العملية السياسية المستخلصة من روح الانتفاضة السلمية الشعبية وغاياتها. حتى إن بدت هذه النهاية خالية من البريق الثوري التقليدي غير أنها تمثل مآلاً منطقياً لحركة الشعوب في عصر مختلف الأدوات والمفاهيم.
وبالرغم من الجمود القسري الذي فرضه النظام على العملية السياسية ولاذ إلى آلة العنف والتدمير إلا أن ذلك لم يفلح في كبح مسيرة الثورة أو فرض واقع مغاير، يُسكت فيه صوت السياسة ليواصل الحكم بالقوة المجردة خارج المعايير الدولية والإنسانية.
فهاهي الحشود لا تهدأ حتى في أيام القيظ والرمضاء والقوى السياسية الوطنية تتحضر لإخراج الكتلة الجامعة لقوى الثورة بما يضمن توحيد المسعى الثورى والجاهزية العملية لإطلاق أي من أشكال الحكم الانتقالي المؤقت أو الاشتراك فيها.
وإلى ذلك، استوعب الاتجاه الدولي بقدر مقبول حاجة الناس الذين يملأون ساحات الثورة ومن ورائهم ملايين أخرى إلى قيام نمط جديد من الحكم ودولة جديدة هي بلا جدال الدولة المدنية التي توافق عليها طلابها ودعاتها من قبل ومن بعد.