"لقد
أنستنا الأزمة السياسية وآثارها الاقتصادية الاحتفال بقدوم شهر رمضان
الكريم مثل كل عام"، هذا ما قاله محمد عبدالله وهو موظف في شركة خاصة سرح
من عمله مؤخرا.
وهذه
الأيام، لم يعد عبدالله مهتما بمصدر رزقه كما اهتمامه بالوقوف في طوابير
طويلة للحصول على مياه الشرب في أحد الآبار الجوفية في أحد مساجد العاصمة
صنعاء.
وأضاف
عبد الله، "كل همي هو توفير مياه شرب كافية لرمضان، فأنا أقضي كل يومي في
هذه الطوابير التي لا تنتهي، كما أنني غير قادر على شراء سيارة توزيع
المياه لارتفاع سعرها الجنوني بسبب ارتفاع أسعار المشتقات النفطية".
وحال
عبد الله هو حال العديد من العوائل اليمنية الفقيرة التي اضطرت إلى اتخاذ
قرارات اقتصادية صعبة في هذا الموسم الرمضاني من أجل الموازنة بين متطلبات
المعيشة وتوفير أساسيات رمضان. وكذلك هو حال العوائل الميسورة التي باتت
تمتنع عن شراء الكماليات.
وقال
وسام الفقيه، الموظف في وزارة الداخلية، إنه يحاول جمع قدر كاف من المال
والاستدانة لشراء مولد للكهرباء يستعين به في ظلمة ليل رمضان الطويل
لمشاهدة المسلسلات الرمضانية.
وأكد أنه وفّر المواد الأساسية الغذائية فقط لشهر رمضان، مستغنيا عن الحلويات والمكسرات التي تعتبر مواد أساسية في كل رمضان.
وأضاف "شهر رمضان حلّ والشعب منقسم ما بين موالاة ومعارضة وهو ما سيخرج رمضان عن أجوائه التي تكون في العادة بعيدة عن السياسة".
وفي
ظل الأزمة السياسية والاقتصادية التي يعيشها اليمن منذ بضعة أشهر، توقع
خبراء أن تخف مظاهر الاحتفال بالشهر المبارك وأن ينخفض مستوى الإنفاق خاصة
عند محدودي الدخل.
وقال
الدكتور محمد الميتمي، أستاذ الاقتصاد بجامعة صنعاء، "إن الوضع الاقتصادي
البائس لمعظم الأسر اليمنية وانعدام فرص العمل وانخفاض الدخول سيحد من
المظاهر الاحتفالية للناس بقدوم رمضان، وكذلك سيحد من مستوى الإنفاق عند
الأسر الفقيرة ويضاعف فاتورة الإنفاق عند الأسر الميسورة".
بدورها،
قالت أستاذة علم الاجتماع بجامعة صنعاء، الدكتورة عفاف الحيمي، إن
اليمنيين يستقبلون رمضان كل عام بمزيد من ارتفاع في الأسعار يرافقه انعدام
مادة الغاز التي تتكرر سنويا مع قدوم الشهر الكريم.
وأضافت
"إلا أن هذا العام يبدو أن اليمنيين على موعد مع أزمة أوسع وأشمل ليس على
الصعيد الإقتصادي فحسب وإنما على الصعيد السياسي الذي عادة ما يخفت في
رمضان لانشغال المواطنين بالصيام والعبادات وشراء مستلزمات رمضان والعيد".
من جانبها، قالت صباح محمد، ربة بيت، إن رمضان هذا العام مختلف وسيكون مرهقا لربات البيوت.
وأوضحت قائلة "يجب الاعتماد في تحضير الطعام على وسيلة الحطب بسبب ارتفاع أسعار الغاز المنزلي أو انعدامه في كثير من الأحيان".
وفيما
تغصّ المحلات التجارية في كل عام بالعروض والتخفيضات وتتسابق في جذب
المستهلكين، قالت محمد إن الأوضاع اختلفت هذا العام "فلا عروض ولا دخل ثابت
كما أن تكلفة العيش أصبحت باهظة وتفوق قدرة الأسر".
في
المقابل، قال آخرون أنه بالرغم من الصعوبات الاقتصادية فإن مغزى الصيام في
شهر رمضان هو أهم من المعاناة اليومية التي يعيشها الفرد.
وفي
هذا السياق، أشار الشيخ حسن الشيخ، وكيل وزارة الأوقاف والإرشاد، في حديث
إلى أن "شهر رمضان هو شهر العبادة وليس شهرا للأكل أو مشاهدة المسلسلات كما
يعدّه الكثيرون".
وأضاف
"الأزمة الاقتصادية يجب ألا تؤثر على احتفالنا بشهر رمضان لأن من فوائد
الصوم تعليمنا كيف يقاوم الفقراء الجوع وكيف يجب علينا أن نتعاون ونتراحم
في ما بيننا سواء في رمضان أو بقية الأشهر الأخرى".