الراية القطرية
بعد أيام من تشكيل
المعارضة تحالفا قبليا مساندة للاحتجاجات المطالبة برحيل الرئيس علي عبد الله صالح
قام النظام بخطوة مشابهة وأسس مؤتمرا للقبائل بهدف مواجهة هذا التحالف واستعادة أدوات
القوة التي استخدمها في حسم الصراع على السلطة في مواجهة خصومه طوال ثلاثة عقود ..
وفي حين تتواصل
المواجهة بين رجال قبائل ارحب شمالي صنعاء مع القوات الموالية للرئيس صالح في معارك
استنزاف مرهقة تعكس مدى قدرة وتاثير رجال القبائل على العملية السياسية ... حيث يتولى
رجال القبائل في ارحب مهمة استنزاف واشغال قوات الحرس الجمهوري المتمركزة على مشارف
العاصمة وتتولى حماية مطار صنعاء من السقوط في قبضة القوات المنشقة عن النظام ..
وقد تحولت المواجهة
الى حرب متواصلة منذ ثلاثة اشهر وامتدت الى مديريات نهم وبني الحارث ما اضعف من سيطرة
السلطات على هذه المناطق ووصولا الى محافظة مارب التي يوجد بها اهم حقول انتاج النفط,
وقد ارتخت القبضة الهشة للسلطات اليمنية الى مناطق خولان في شرق العاصمة, بعد ان فقدت
السيطرة الكلية على محافظات صعدة وابين والجوف ومارب, واجزاء واسعة من محافظة شبوه
وعدد كبير من المناطق الريفية في اكثر من محافظة..
وقد لعبت القبائل
اليمنية وما تزال دورا رئيسيا في مجرى الحياة السياسية وكانت البوصلة التي على ضوئها
تسير أوضاع الحكم خصوصا في شمال البلاد قبل توحيد شطريها، وقد عادت للعب الدور ذاته
منذ هزيمة قوات الحزب الاشتراكي في جنوب البلاد صيف ١٩٩٤م ..
طوال فترة حكمه
عمل الرئيس علي عبد الله صالح على الانتصار لقيم القبيلة وزاوج بينها وبين مؤسسات الدولة
في مواجهة المشاريع التحديثية التي كان خصومه يرفعونها في وجهه؛ ولهذا صمد في مواجهة
هذه التيارات وانتصر عليها، وقد زاد من قوته التحالف مع تنظيم الاخوان المسلمين الذي
يتمتع بنفوذ قوي داخل المناطق القبلية ...
ومع اطمئنان صالح
الى انه قد تمكن من تصفية خصومه بدأ بالتحلل من تحالفه مع زعيم قبيلة حاشد الشيخ عبد
الله الاحمر وغيره من زعماء القبائل ومع تنظيم الاخوان الذي اصبح اسمه تجمّع الاصلاح
ويقود المعارضة البرلمانية منذ العام ١٩٩٧م.. لقد شكلت الانتخابات الرئاسية في العام
٢٠٠٦م بداية المواجهة بين الرئيس صالح وقبيلة حاشد إذ تصدر أبناء الشيخ الأحمر المشهد
السياسي لصالح المعارضة ومع نهاية العام كان الشيخ عبد الله الأحمر قد غادر الحياة
الدنيا ومعه انتهى التحالف مع نظام حكم صالح ..
منذ قيام ثورة
سبتمبر في شمال اليمن لعب رجال القبائل الدور الحاسم في تحديد شخص رئيس الدولة وتحديد
توجهاته؛ فتمت الاطاحة بنظام حكم الرئيس عبدالله السلال في عام ٦٧ بفعل تحالف الشيخ
الاحمر مع مشايخ قبيلة بكيل؛ وبعدها اطيح بالرئيس عبد الرحمن الارياني الذي وصل الى
السلطة باختيار رجال القبائل...
ومع وصول الرئيس
ابراهيم الحمدي الى السلطة باعتباره حلا وسطا بين الارياني والشيخ الاحمر ومعه الشيخ
سنان ابو لحوم الزعيم القبلي البارز في قبيلة بكيل دخلت العلاقة بين راس الدولة ورجال
القبائل مرحلة من الصدام حيث انحاز الحمدي الى قوى الحادثة في مواجهة القبيلة وقد جاءت
نهايته على يد هؤلاء في عملية اغتيال اتهم بتنفيذها خلفه الرئيس احمد الغشمي الذي لقي
حتفه في حادث اغتيال مدبر من قبل نظام الحكم في جنوب البلاد بعد ثمانية أشهر من وصوله
الى السلطة ..
وطوال خمسة أعوام
صعد أبناء الأحمر من لهجتهم المعارضة لنظم الحكم ووجهوا سهامهم نحو نجل الرئيس صالح
وبدأ هؤلاء يستعيدون دور أبيهم في التاثير على موقع راس الدولة حتى جاء ربيع الثورات
العربية وخرج مئات الالاف من الشباب الى الشوارع للمطالبة برحيل نظام الحكم حيث اعلن
الشيخ صادق الاحمر الذي خلف ابيه في زعامة القبيلة انضمامه وقبيلته الى الثورة الشبابية
...
في نهاية مارس
الماضي واجه الرئيس صالح تحديات كبيرة من شركائه في صناعة انتصاراته على الاخرين؛ ومع
الاعلان عن تشكيل تحالف قبائل اليمن لمساندة الثورة الشبابية يبدو ان الرئيس المعتل
جراء محاولة اغتيال فاشلة وقعت له في مطلع يونيو قد فقد الكثير من حلفائه وانه يواجه
اليوم خيارات صعبة لان غالبية القبائل المحيطة بصنعاء باتت تقف في مواجهته خصوصا قبائل
خولان في شرق صنعاء وقبيلة حاشد في شمالها وهي القبيلة التي كانت ومازالت تتمتع بنفوذ
قوي جدا داخل السلطة...
التحالف القبلي
الجديد وبتركيبته التي ضمت ممثلين عن قبائل بكيل وحِمْيَر ومذحج ويمتد نفوذها من شرق
البلاد الى شمالها يعتبر بمثابة القوة العسكرية التي ستتمكن من حسم المواجهة بالقوة
من خلال سياسية اسقاط المناطق واستنزاف قوات الجيش التي ماتزال تدين بالولاء لصالح
بعد ان عجزت ستة اشهر من التظاهرات والاحتجاجات السلمية من اجباره على مغادرة السلطة..
* الصورة من الإرشيف