عن مأرب برس
حذر مركز أبعاد للدراسات والبحوث من انفجار وشيك للوضع العسكري في اليمن،
بالتزامن مع انتقال الملف إلى مجلس الأمن بعد انسداد الأفق السياسي واستمرار رفض الرئيس
علي عبد الله صالح توقيع المبادرة الخليجية.
وتوقع المركز في تقرير حديث باحتمالية تجدد المواجهات العسكرية بين القوات
العسكرية الموالية للثورة والقوات الموالية لنظام الرئيس صالح.
وقال تقرير مركز أبعاد للدراسات" إن الخطاب الأخير للرئيس صالح حمل
رفضا واضحا لانتقال السلطة سلميا عبر المبادرة الخليجية وذهب لطرح مقترحات تعد في نظر
المعارضة تهديدا وبداية جدية لتشكيل مجلس يشرف على عمليات الحسم العسكري ضد المطالبين
بإسقاط نظامه، الأمر الذي يجعل العسكريين المؤيدين للثورة والمتحالفين مع النظام على
استعداد تام لأية مواجهات محتملة".
وأضاف" إن أية مواجهات قادمة لن تكون مثابة اختبار أو نزهة لطرف ما
وإنما ستكون حربا ضروسا قد يستخدم فيها الطرفان الاسلحة التي لم يسبق استخدامها في
المواجهات الماضية مثل الطيران والصواريخ متوسطة وبعيدة المدى".
وجاء في التقرير" إن استخدام نظام صالح للقوة العسكرية من أجل إنهاء
الاحتجاجات ضد نظامه سيكون له تداعيات محلية وإقليمية ودولية ولن يحقق هدف القضاء على
معارضيه".
فمحليا أشار التقرير إلى أن أي فشل للحسم العسكري ضد المعارضين قد يؤدي
إلى سقوط المعسكرات وبالتالي سقوط النظام عسكريا ، خاصة وأنه خاض تجربة بعد 18 سبتمبر
فيما يعرف بمواجهات ( كنتاكي) ونجم عنها سيطرة لجيش (الثورة)على الجولة الاستراتيجية
التي يقسم شارعها الممتد من عصر إلى الزبيري العاصمة إلى نصفين، وهو ما دفع النظام
لتوجيه عشرات القذائف الصاروخية لمقر قيادة الفرقة أولى مدرع مع ثاني يوم من وصول الرئيس
صالح ، كما أن أسلحته الثقيلة ضد القبائل في نهم وأرحب والحيمة خارج صنعاء لم تمنع
القبائل من الاستمرار في ضرب البنى العسكرية لمعسكرات الحرس الجمهوري ومهاجمتها وقتل
قادتها والحصول على أسلحة وذخائر تزيد من قوتهم، وكل ذلك مؤشر قوي بأن أية عملية عسكرية
للنظام ضد المحتجين سلميا في ساحات التغيير أو معسكرات مناصري الثورة لا يعد سوى انتحار
قد يؤدي إلى سقوط النظام عسكريا".
وقال التقرير " إن أي استخدام للطيران أو الصواريخ بالذات البعيدة
المدى مثل (سكود) أو قاذفة الأورجان التي تحمل صواريخ وقنابل عنقودية من قبل قوات النظام
سيؤدي إلى تفجير أو إسقاط الطائرات قبل أو بعد إقلاعها أو استخدام بعضها من قبل مناصري
الثورة من العسكريين، وربما استخدام صواريخ غراد ضد قوات النظام والتي تعجز منظومة
الدفاع الصاروخية عن ردعها ويمتلك جيش الثورة الآلاف منها ".
وأكد التقرير أن التحرك العسكري سيزيد من التكلفة البشرية خاصة في أوساط
المدنيين والمحتجين سلميا في الساحات"، مشيرا إلى ارتفاع واضح بعد 18 سبتمبر في
نسبة القتلى من المعتصمين سلميا من 13% إلى 15% من مجموع القتلى الذين رصدهم تقرير
مركز أبعاد خلال مسيرة الثورة ضد نظام صالح بين فبراير وسبتمبر.
فحسب تقديرات أبعاد بلغ عدد القتلى منذ اندلاع الثورة السلمية في فبراير
وحتى نهاية سبتمبر حوالي ( 2443)، حيث ارتفع عدد القتلى المعتصمين سلميا في الساحات
منذ 18 سبتمبر من (238 ) إلى (368) شخصا أي بفارق (130) شخصا .
فقد سقط حوالي 35% من المتظاهرين السلميين في ساحات التغيير بعد 18 سبتمبر،
فيما كانت نسبة قتلى جمعة الكرامة حوالي 14%، وسقط 51% في هجمات مختلفة لقوات النظام
على ساحات التغيير خلال السبعة الأشهر الماضية .
كما وصل عدد القتلى في أوساط المدنيين والمسلحين المناصرين للثورة خارج
الساحات حوالي ( 493) شخصا وبفارق (48) شخصا عن ما قبل 18 سبتمبر وبنسبة 20% من مجموع
القتلى ليصل عدد القتلى في أوساط اليمنيين غير العسكريين المطالبين بإسقاط نظام الرئيس
علي عبد الله صالح إلى ( 861) شخصا ، فيما يصل عدد القتلى في أوساط المؤيدين للثورة
من المعتصمين سلميا والمدنيين والمسلحين والعسكريين حوالي 931 شخصا وبنسبة 37% من مجموع
القتلى منذ اندلاع الثورة الشعبية المطالبة بإسقاط نظام الرئيس صالح، مقابل (470 )
شخصا قتلوا من القوات الموالية للنظام في مواجهاتهم مع أنصار الثورة في تعز وبعض المناطق
القبلية المجاورة لصنعاء بنسبة 19% من مجموع القتلى.
و قال " إن أية مواجهات عسكرية قد تؤدي بانزلاق اليمن إلى حرب أهلية
طويلة الأمد وهو ما ينعكس سلبا على الأمن الاقليمي والدولي لوجود اليمن في موقع استراتيجي
يتحكم بانتقال اكثر من ثلاثة مليون برميل نفط يوميا، كما أن شرارة الحرب قد تصيب الجوار
السعودي أولا والجوار الخليجي لاحقا خاصة إذا ما كان هناك نية لإيران لاستغلال الأحداث
للبحث عن مصالح لها وسط الفوضى في المنطقة التي تأتي بالتزامن مع أحداث تشهدها المنطقة
الشرقية في المملكة ذات التواجد الشيعي".
وحذر تقرير أبعاد من خطورة استغلال تيارات أيدلوجية ليس لها واجهة حزبية
أو سياسية للفراغ الناجم عن تراجع قبضة النظام، كما هو الحال بالنسبة لتنظيم القاعدة
في بعض المناطق الجنوبية والشرقية والحوثيين في بعض المناطق الشمالية، والذين رصدت
لهم تحركات وتحالفات مقلقة في الشهرين الأخيرين من عمر الاحتجاجات السلمية.
وعن استهداف واشنطن للقيادي في قاعدة الجزيرة العربية (أنور العولقي) الذي
صوره النظام الأمريكي خلال العامين الماضيين بأنه أخطر من (بن لادن) توقع تقرير أبعاد
أن ذلك يأتي في إطار " محاولة لإغلاق ملفات حساسة والاستعداد لعملية التغيير في
اليمن، وهو ذات الدافع الذي دفعهم لإعلان مقتل بن لادن بعد اندلاع ثورات الربيع العربي"،
وقال " إن هذا الاحتمال يأتي بين احتمالين آخرين ضعيفين يتمثل أولهما بأن العملية
كمحاولة لدعم نظام صالح المنهار، فيما الثالث يرى أن ياتي ذلك من منطلق اتفاق أمريكي
سعودي مع صالح للعودة مقابل القيام بعمليات نوعية ضد القاعدة ومن ثم توقيع المبادرة
الخليجية ".
وانتقد تقرير أبعاد أداء المعارضة عبر ما يعرف بـ( المجلس الوطني)، وقال
" يجب إعادة النظر في تشكيلته وعدم تكرار الأخطاء التي تظهره ذو طابع أسري أو
مناطقي أو أيدلوجي، وتفعيله سياسيا وإعلاميا، وخلق سيطرة ميدانية له بدلا من انتظار
المبادرات الخارجية التي أظهرته ضعيفا ودون المستوى المطلوب".
وأوصى تقرير مركز أبعاد بضرورة استغلال التحرك الدولي الذي تزامن مع مكسب
جديد لأنصار الثورة السلمية المتمثل في حصول أحد رموز الثورة وهي (توكل كرمان) على
جائزة نوبل للسلام.
وأكد أن هذه الجائزة "رسالة دولية بشرعية الثورة السلمية ودعم لمدنية
الدولة القادمة والقبول بالتعامل مع الإسلاميين المعتدلين في منظومة الحكم القادمة"،
معتبرا ذلك بأنه إغلاق لملفات المخاوف التي فتحها النظام في محاولاته تشويه الاحتجاجات
المطالبة بإسقاطه.
وقال التقرير " أمام المجتمع الدولي فرصة أخيرة لإنقاذ اليمن تتمثل
في اتخاذ إجراءات جادة وحازمة تضمن حماية المدنيين اليمنيين وفرض عقوبات فردية على
كل من يتورط في أعمال القتل والعنف وإحالة ملفاتهم بصورة مستعجلة إلى محكمة الجنايات
الدولية وحظر سفرهم وتجميد أموالهم والضغط باتجاه نقل السلطة بصورة سريعة تمنع تفاقم
الأوضاع"، مؤكدا أن ترك اليمن ينهار معناه فقدان الإقليم والعالم للأمن.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق