2012/01/16
نقلا عن جريدة أخبار اليوم
لم تكن تحركات القاعدة التي تحصل هنا أو
هناك مستغربة من قبل كثيرٍ من اليمنيين, أو حتى المتابعين للشأن اليمني, إذ أنها في
نظر الأغلبية نتاج طبيعي لتحالف أطراف داخل النظام مع تلك الجماعات لإغراض سياسية الهدف
من ورائها ابتزاز الغرب والحصول على فوائد مادية مجدية, والحفاظ على مكانة مرموقة لدى
تلك الدول تحت لافتة الشراكة في مكافحة الإرهاب, ومؤخراً كان دعم تلك المجاميع المسلحة
التي أطلقت على نفسها أكثر من مسمى مثل " أنصار الشريعة" و" أبطال السنة"
و" تنظيم القاعدة" كان الدعم لها بهدف خلط الأوراق وإشغال الآخرين بالقاعدة
بدلاً من الثورة.
ومن أبرز تحركات تلك الجماعات ما يحدث اليوم
في منطقة رداع بمحافظة البيضاء، بقيادة الشيخ طارق الذهب -وهو النجل الرابع للشيخ/
أحمد ناصر الذهب - شيخ مشائخ قبيلة قيفة- ونظراً لأهمية هذه الأسرة "أسرة آل الذهب
" فقد عملت القاعدة على مد جسور العلاقة معها من خلال علاقة مصاهرة بين أنور العولقي
والشيخ/ طارق الذهب, واستطاع العولقي أن يقنع طارق الذهب وأخويه عبدالرؤوف ونبيل بفكر
القاعدة, في الوقت الذي كان فيه شقيقه الشيخ المتوفي علي أحمد ناصر الذهب مقتنعاً بالفكر
البعثي القومي, وظل خالد وحزام - أشقاء طارق الذهب- بعيداً عن الفكر القاعدي.
بعد تعرض الشيخ/ أنور العولقي لمضايقات
وترصد من قبل الاستخبارات اليمنية لجـأ قبل مقتله بأشهر قليلة إلى منطقة "يكلا"
برفقة الشيخ/ طارق الذهب وعدد من أعضاء القاعدة, ومنطقة "يكلا" هي منطقة
تكاد تكون خالية من السكان وهي منطقة حدودية بين رداع ومأرب, وسبق وأن جرت حرب طاحنة
بين قيفة ومراد على منطقة "المشيريف" التي هي جزء من منطقة "يكلا".
يعمل تنظيم القاعدة جاهداً إلى الاستيلاء
على أهم المواقع الإستراتيجية, وجاءت فكرة الاستيلاء على منطقة رداع منذ فترة طويلة,
حيث حاول طارق الذهب مع مجاميع من قبيلته الاستيلاء على جبل "احرم" وهو أعلى
جبل في منطقة رداع.
كان طارق الذهب يدرك مثل غيره أنه مستهدف
أو هكذا يريد أن يشعر الآخرين, فاقتصرت زيارته لمدينة رداع خلال العشرة الأشهر الماضية
على ثلاث زيارات فقط, الأولى حين توفي الشيخ/ حسين جرعون بعد قصف قوات الحرس الجمهوري
على منزل الشيخ/ عبدالله بن حسين الأحمر في صنعاء, إذ دخل إلى رداع لأداء العزاء, والمرة
الثانية كانت قبل شهرين، حيث دخل برفقة أشخاص من خارج المحافظة إلى المدينة, وتواجده
اليوم على رأس تلك المجاميع المسلحة هي المرة الثالثة التي يدخل فيها مدينة رداع, وتحديداً
قبل ستة أيام وسيطر قبل يومين على القلعة ومسجد العامرية.
وتفيد معلومات بأن هناك لقاءً تم بين طارق
الذهب وأشخاص من الأمن القومي دون أن يعرف أحد تفاصيل ذلك اللقاء, ويوم الخميس الماضي
أقدمت مجموعة مسلحة تتبع الذهب على نهب طقم تابع للحرس الجمهوري في مدينة رداع دون
مقاومة تذكر.
وكان يوم الجمعة الفائتة فرصة ذهبية لمجموعة
مسلحة يبلغ قوامها ثمانون شخصاً أن تفتح جامع "العامرية" والذي يقع وسط مدينة
رداع في منطقة الميدان وأدت فيها صلاة الجمعة, ولم يكن الخطيب فيها هو طارق الذهب وإنما
شخصاً آخر من التنظيم وبين خطيب العامرية أنهم لا يريدون سلطة وإنما هدفهم هو إقامة
العدل والمساواة بين الناس, فيما خصص جزء كبير من خطبته لشن هجوم على الروافض ودولة
إيران.
الساعة العاشرة والنصف مساء من يوم السبت
الماضي تم ترتيب الوضع جيداً ووضع المتاريس قريباً من مبنى المواصلات ومكتب البريد
واقتحمت تلك المجاميع قلعة العامرية والتي تعتبر أهم مكان استراتيجي في المدينة بعد
جبل أحرم, ولم تبدِ حراسة القلعة أي مقاومة, ويتولى حراسة القلعة الشيخ/ خالد النصيري
- الذي قتل في ثأر قبلي قبل أربعة أشهر- وعبدالله علي إدريس -قيادي في المؤتمر ومدير
عام التربية بمديرية رداع- وتم تسليم القلعة لتنظيم القاعدة من الشخص الذي يشرف على
أعمال الترميم.
يوم أمس الأحد تم استضافة المجاميع القبلية
في منزل الشيخ "ع.ن"، و في الثالثة عصراً رفع المسلحون شعار "القاعدة"
فوق قلعة العامرية, وقام عبدالرؤوف الذهب بإلقاء كلمة عامة حضرها الكثير من أبناء مدينة
رداع الذين توافدوا إلى القلعة بغرض زيارتها والتمتع بمشهد مدينة رداع, حيث كانت قوات
الأمن تمنع قبل ذلك الوصول إلى القلعة.
وبعدها توجهت بعض المجاميع إلى مبنى السجن
المركزي الواقع جنوب مدينة رداع على خط جبن، مطالبة من مدير السجن فك سراح السجناء,
وتم إعطاء إدارة السجن مهلة 24 ساعة للإفراج عن كافة السجناء, وتم الاستيلاء على طقم
تابع للأمن العام وأسر ستة جنود تم الإفراج عنهم لاحقاً.
ومع اختفاء رجال الأمن من السوق، فقد أصدر
من بات يسمي نفسه أمير رداع الشيخ/ الذهب أول مرسوم له يقتضي ببيع البترول ب 1500 ريال
يمني، محذراً ملاك المحطات من إخفاء البترول أو رفع سعره.
وشهد يوم أمس الأحد توافد مجاميع مسلحة
من داخل المحافظة ومن خارجها ودخولهم رداع من نقطة "لسمان" دون أن يبدي جنود
النقطة اعتراض على ذلك, وتقول مصادر خاصة إن جنود نقطة " لمسان " الذين يرتدون
زي الأمن المركزي هم في الحقيقة ينتمون إلى الأمن القومي, وقد قامت تلك المجاميع المسلحة
بإعطاء البيعة للشيخ/ طارق الذهب باعتباره أمير التنظيم في منطقة رداع.
وعلى ذات الصعيد حددت قبائل مديريات رداع
العاشرة من صباح اليوم الاثنين موعداً لعقد اجتماع موسعاً لمناقشة الأوضاع في المديرية
والخروج برؤية تضمن لمدينة رداع عدم الدخول في معارك على غرار ما جرى في أبين, ويستلهم
قبائل رداع اجتماعهم من اجتماع مسبق عقده أبناء ثلاثة عشر مديرية في مدينة البيضاء
عقب تسلل 300 شخص من تنظيم القاعدة إلى أحد المناطق النائية المجاورة للمحافظة بهدف
إسقاط المحافظة في أواخر شهر ذي الحجة.
يوجد في المدينة ثلاث تشكيلات عسكرية هي
الأمن العام والأمن المركزي والحرس الجمهوري وكتيبة تابعة للقوات الخاصة يقودها العقيد/
طريق, و يتمركز الأمن العام في وسط المدينة على مسافة 400 متر من قلعة العامرية، إلا
أن أعدادهم قليلة جداً وبالتالي فإنهم لا يستطيعون خوض أي معركة حتى مع مجموعة أشخاص
من القبائل.
والأمن المركزي الذي يقوده جميل السكري،
يتمركز في منطقة الكمب على مسافة 1700 متر من قلعة العامرية ويتواجد فيه ما يقارب
400 جندي – بحسب مصادر أمنية– بينما يتواجد الحرس الجمهوري في قمة جبل احرم الواقع
شمال قلعة العامرية وعلى بعد 2500 إلى 300 متر من مسجد وقلعة العامرية.
وفي سياق دعم بقايا النظام لتنظيم القاعدة
لاحتلال المدينة بهدف خلط الأوراق قامت قوات الحرس بسحب أعداد كبيرة من قواتها المتواجدة
في رداع إلى صنعاء بلباس مدني في جمعة "وإن عدتم عدنا", بينما تم تشتيت بقية
الجنود على معسكر الحرس في السوادية ومعسكر الحرس في مكيراس واللذان يتبعان اللواء
26 ميكا.
وعلمت الصحيفة أن أحد مشائخ المنطقة اتصل
بقائد قوات الحرس في منطقة رداع، طالباً منه التدخل لإنهاء تواجد المسلحين، فرد قائد
الحرس هناك "هذه ليست مسؤوليتنا هي مسؤولية الأمن المركزي".
ويأتي اختيار المسلحين مدينة رداع لانطلاق
إمارتهم الإسلامية التي يزعمون إقامتها نظراً لأهمية موقع مدينة رداع، فموقعها استراتيجي
له أهميته بالنسبة للمحافظة والمحافظات المجاورة, حيث يتصل بأكثر من محافظة يمنية عن
طريق جبال ومنحدرات وعرة فمن الشمال تحدها منطقة بني ضبيان خولان - التابعة لمحافظة
صنعاء, ومن الغرب تحدها محافظة ذمار ومن الجنوب تحدها مديرية الشرية – آل غنيم ومن
الشرق تحدها منطقة " يكلا" المتصلة بمحافظة مأرب, وهي مكان يصعب الوصول إليه,
وتشير بعض المعلومات الواردة من قبائل "يكلا" أن أنور العولقي اختبأ هناك
فترة من الزمن قبل مقتله.
وجاء دخول قلعة العامرية في هذا التوقيت
بحسب مراقبين لخلط الأوراق ومحاولة استباقية لشغل الناس عن الانتخابات الرئاسية المزمع
إجرائها في 21 فبراير القادم, كما أن هناك مخططاً حكومياً لإفشال حكومة الوفاق وتشتيت
جهودها بمحاربة الجماعات, وما يؤكد ذلك هو قيام مجاميع قبلية من محافظة مأرب باختطاف
نرويجي يعمل لدى مكتب الأمم المتحدة بصنعاء، في مجال الرقابة الانتخابية.
وبالعودة إلى استيلاء مجاميع قبلية مسلحة
على قلعة العامرية فإن الشيخ/ طارق الذهب يؤكد أنه دخلها من أجل الاجتماع بمشائخ رداع
لتدارس قضية شقيقه نبيل الذهب المعتقل في سجون الأمن السياسي منذ ما يقارب أربع سنوات
بعد ترحيله من سوريا.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق