(سعداء بزيارتكم)

15 يوليو 2012

رمضان شهر التغيير

جلال السامعي

خلقت وسائل الإعلام لدى الناس شعورا خاطئاً بأن رمضان ليس سوى شهر للراحة والتسلية والمتعة والاثارة ، وأصبح الناس ينتظرون رمضان لغير المقصد الذي جاء من أجله ، وأصبح الناس يعدون العدة له ، إبتداء من شراء وتحضير مختلف أنواع المأكولات والمشروبات ، وإنتهاءً بإمتلاك أجهزة الستلايت والصحون اللاقطة وإن لزم الأمر مولدات كهربائية تمكنهم من متابعة الأفلام والمسلسلات والمشاركة في برامج المسابقات وحصد الجوائز ، لم تعد مشاهدة القنوات الفضائية حكراً على ساكني المدن فقد اتسع نطاقها وانتشرت ووصلت حتى الى  الأرياف وأصبح الناس يقضون ساعات الليل كلها أمام شاشات التلفزة ، فضلاً عن ساعات النوم وساعات الطبخ وساعات الأكل وغيرها ، وبهذا استطاعت وسائل الإعلام العربية أن تصرف الناس عن المقصد الذي من أجله كتب الله الصيام على هذه الأمة .
قال تعالى:
{يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءامَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ ٱلصّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى ٱلَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (183) أَيَّامًا مَّعْدُودٰتٍ فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضًا أَوْ عَلَىٰ سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ وَعَلَى ٱلَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ فَمَن تَطَوَّعَ خَيْرًا فَهُوَ خَيْرٌ لَّهُ وَأَن تَصُومُواْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ} [سورة البقرة: 183 ـ 184].
من الملاحظ أيها الاخوة أن الجيل الجديد تكونت لديه صورة أخرى إن لم أقل ولست مبالغا صورة سيئة عن رمضان ، بخلاف الصورة التي كان عليها السلف الصالح وهذا كله بفعل الإعلام ، الإعلام الذي أسئنا استخدامه واستعماله .
سُئل عبدالله ابن مسعود رضي الله عنه :
كيف كنتم تستقبلون رمضان ؟ قال :
ما كان أحدنا يجرؤ أن يستقبل الهلال وفي قلبه مثقال ذرة حقد على أخيه المسلم . 
ستذهب الجماهير العربية إلى هذه المعركة مع وسائل الإعلام متجاهلين ضيف الله إلى الأمة العربية والاسلامية ، هذا الضيف الذي لا يأتي علينا إلا مرة واحدة في العام .
لا أدري ياإخوة ، كم سنشاهد قنوات فضائية؟وكم سنشاهد مسلسلات؟ وكم سنتابع أفلام ؟ وكم سنشاهد برامج ؟
وكما نعلم فإن لكل وسيلة إعلامية طريقتها وأسلوبها في تقديم أعمالها الى المتابع أو المشاهد ،
وكل قناة لديها من المسلسلات والبرامج والأفلام ما ليس لدى غيرها ،
وكل قناة تسعى جاهدة لاستقطاب جماهير عريضة يشاهدونها
وكما هو متعارف عليه كل عام ، وقبل دخول شهر رمضان بأيام قلائل تتسابق الفضائيات العربية ، الخاصة منها والحكومية ، الى عرض أبرز الأعمال التلفزيونية والسينمائية التي ستقدمها للمشاهد العربي خلال شهر رمضان ، ومن باب الاثارة تكون عادة هذه الإعلانات مصحوبة بشعارات مختلفة ، الهدف منها بالطبع إطلاع المشاهد على ما سيتم عرضه وتقديمه خلال هذا الشهر الفضيل ومن هذه النماذج مثلا أن تجد قناة عربية تختتم اعلانها بالقول :
-          انتظرونا في رمضان !!
ولا أدري حقيقة ماذا سننتظر ولماذا ننتظر أصلاً ؟من أجل المسلسلات وبرامج المسابقات ، ورمضان ماذا نقول له : عفوا يارمضان ، هناك مسلسل يستحق المشاهدة ، نقول له : سنعود لك بعد قليل ؟!
وأخرى تردد :
-          كونوا معنا !!
فهل يعقل ياأخي الكريم ، ياأخي المسلم ، أن نكون مع أنفسنا وأهوائنا ولا نكون مع الله في هذا الشهر الكريم ؟!
-          حصرياً في رمضان ولأول مرة الجزء الرابع من مسلسل (.......) وإلى ماهنالك من الأسماء ، هذا بدلا من أن نجعل من رمضان شهر للتوبة ، شهر لتغيير القلوب ، شهر لتغيير النفوس ، شهر للتغيير الحقيقي الذي يصلنا بالله ويحقق لنا الأجر والثواب في الدنيا والآخرة .
-          تشاهدونه في رمضان !!
ماذا سنشاهد بالله عليكم ؟ وما المفيد الذي يمكن أن نشاهده ؟ لا شيء . وهل كتب الله علينا الصيام من أجل أن نشاهد وسائل الإعلام ؟!
-          رمضان يجمعنا !! يجمعنا بماذا ؟ بالمسلسلات والممثلات العربيات مثلاً ! .
وكأنه لا عمل لنا في رمضان إلا متابعة المسلسلات وبرامج المسابقات ، وتقييم أداء الممثلين والممثلات .
هاهو رمضان قد أقبل وحل علينا ضيفا عزيزا فهل سنحسن إستقباله أيها الاخوة ؟
هل سنستغل هذه الفرصة الثمينة التي منحها لنا رب العالمين ، وهي ركن من أركان الإسلام  لنغير من حالنا وواقعنا وأخلاقنا وسلوكياتنا وأعمالنا وأفعالنا ؟
صح عن النبي صلى الله عليه وسلم قوله عند رؤية الهلال:
(( اللَّهُمَّ أَهِلَّهُ علَيْنَا بِالأَمْنِ والإِيمَانِ، وَالسَّلامَةِ والإِسْلامِ، رَبِّي ورَبُّكَ اللَّه، هِلالُ رُشْدٍ وخَيْرٍ )).
اللهم أتمم علينا شعبان وبلغنا رمضان
اللهم أعنا على القيام والصيام وقراءة القرآن

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق