(سعداء بزيارتكم)

28 أكتوبر 2011

مدارس أم متارس ؟!


بقلم / جلال السامعي

وصلتني رسالة نصية قصيرة عبر هاتفي المحمول من شركة يمن موبايل قبل فترة يقول نص الرسالة "لنلحق أبنائنا وبناتنا بالمدارس " فقرأتها على أحد الأطفال فما أن سمعها حتى علق عليها ساخراً " لنلحق ابنائنا وبناتنا بـ(المتارس) " .
طفل آخر قرأها بطريقته فقال "إلْحَقوا أبنائكم وبناتكم في المدارس " (بفتح الحاء وليس بكسرها) . والمعنى المقصود في تعليقهما كان واضحاً وبليغاً رغم صغر سنهم .
في هذا المقال أود أن أوجه عدد من الرسائل بداية الى المعلمين ومدراء المدارس الذين اصبحوا لا يرقبون في طالب ثورة ولا أزمة ، ويشددون على الطلاب في حضورهم وانصرافهم ، ويجبرونهم على اجتياز المسافات الطويلة والخطرة من أجل تمرير المشاريع الرخيصة لذوي السلطة والتسلط حتى ولو كانت على حساب مستقبل وسلامة الطلاب .
لقد وصل الأمر ببعض المدرسين الى التهكم على الطلاب ومهاجمتهم بسبب ارائهم المناوئة لرأس النظام الجاهل الأول وعدو التعليم في اليمن ، وكأن هؤلاء الاطفال ليس لهم حق في التعبير عن ارائهم ؟ وكأن هؤلاء المعلمين هم وحدهم فقط من يملكون الحق في إهدار الوقت واستبدال الحصص بأخرى يحبونها !
ايها المعلمون والمعلمات ياقادة الأجيال والمجتمعات ، ويابناة العقول ، لقد وقف هذا النظام خلال فترة حكمه عائقا أمام أي تطور أو نهضة أو بناء أو تحديث ، لقد وقف بكل ما يستطيع أمام التفكير ووقف أمام كل شئ يمكن أن يحقق لهذا الشعب أي نوع من الرقي والتقدم ، حتى الأحلام منعها عن هذا الشعب الطيب المسالم فليس هناك من حلم جميل يولد إلا وقتله بجهله وإسفافه واستهتاره .
لذلك كله فإننا ننشد فيكم الخير والأمل ونأمل منكم عدم الوقوف مجددا مع بقايا النظام الآفل وتسويق زيفه ومخططاته في المؤسسات التربوية والتعليمية .
أنتم تعلمون جيدا وإن كنتم لا تعلمون فسوف يأتي اليوم الذي تعلمون فيه من الذي قطع الطرقات ، وأخاف الآمنيين ، وحول المدارس الى ثكنات عسكرية ، حتى أنهم كما قيل وحسب شهادات بعض المواطنين أن بلاطجة علي صالح قاموا بنهب بعض  المدارس وعبثوا بمحتوياتها وعاثوا فيها فسادا كبيرا ، فلماذا اليوم توفرون الغطاء لهؤلاء المتداعيين الذين يدعون الحرص على هؤلاء الطلاب ؟
رسالتي الأخرى إلى من يتكلمون عن التعليم ويتباكون على الطلاب ليل نهار حزناً وأسفاً أقول : أين كنتم ياهؤلاء منذ 33 عاما ؟
عليكم أولاً أن تتكلموا عن الوضع التعليمي المتدهور في اليمن وفي أي اتجاه يسير ، وإلى أي مستوى وصل منذ 33 عاما من حكم الاسرة الجاهلة.
عليكم أولا أن تطالبوا برفع النقاط العسكرية من الشوارع واخراج المعسكرات من عواصم المدن الرئيسة وإخلائها من المسلحين.
عليكم أولا أن تطالبوا بإخلاء المدارس من المسلحين أيا كانوا ورفع كافة المظاهر المسلحة منها.
ايها الكاذبون : إذا كنتم حقا حريصين على مستقبل الطلاب لماذا لا توفرون لهم الجو الآمن والمناسب حتى يتمكنوا من العودة الى مدارسهم وجامعاتهم بكل سهولة ويسر؟
ثم أسأل هؤلاء عن ما قدموه للطلاب وما فعلوه من أجلهم طيلة ثلاث عقود من الزمن ؟
هل كنتم توفرون لهم وسائل المواصلات المجانية والآمنة من وإلى مدارسهم ومنازلهم ؟
هل طلابنا هم أقل شأنا من جيراننا في دول الخليج وغيرها من الدول التي توفر لطلابها كافة الوسائل التربوية والتعليمية ؟.
وأتساءل باستغراب وسخرية ثلاثة أسئلة تبدأ بـ أين ولماذا وكيف ؟
الأول عن الأماكن التي تريدون أن تعلموا طلابنا  فيها؟ في المدارس التي شيدتموها وجهزتموها بأحدث التجهيزات والوسائل ؟ في الكليات التي هي أشبه بدور أجدادنا في القرى والأرياف
أما السؤال الثاني فعن الكيفية التي سيتعلم بها هؤلاء الطلاب في مثل هذه الظروف العصيبة التي تمر بها اليمن ، وفي ظل عسكرة المدن والمدارس والحياة العامة للمواطنين؟
كيف سيتعلم طلابنا وأبنائنا في ظل انقطاع الخدمات الأساسية والضرورية كالماء والكهرباء والوقود وارتفاع أسعار المواد الغذائية وتدهور الحالة الأمنية ، وانعدام الأمن والاستقرار في المدن والطرقات والمدارس ؟
كيف للطالب أن يذاكر دروسه ويقوم بواجباته في ظل الانقطاع المتواصل للكهرباء ؟
وكيف له أن يلبس الزي المدرسي بدون غسل والماء منقطع عن البيوت ؟
وكيف له أن يذهب الى المدرسة بدون أمن ولا غذاء ؟
إنني أتسائل وفي نفسي شئ من هؤلاء الذين يدعون الحرص على التعليم وهم آخر من يتكلم عن التعليم في اليمن ،  أتسائل لماذا كانت هذه الاصوات غائبة حينما كان الحرم الجامعي ينتهك من قبل السلطات الأمنية ، حينما كان الأمن يعتقل الطلاب ويلاحقهم في جامعاتهم وكلياتهم ويمارس بحقهم ابشع صور الانتهاكات ، لم نسمع من قبل احدا يستنكر تسييس الجامعات وقيام عمداء الكليات بفصل الطلاب وطردهم واهانتهم أمام الملأ فضلا عن تسييس المحاضرات واستبدالها بمحاضرات عن رأس النظام والحزب الحاكم والتغني بالديمقراطية والحكمة والمنجزات التي كثر الحديث عنها في ظل افتقارنا الى ابسط مقومات الحياة وانعدام البنية التحتية بشكل كامل ، وغياب الشفافية والعدالة ، فضلا عن افتقار رأس النظام الجاهل الى الحكمة والمصداقية وحسن القيادة .
لم نكن نسمع من قبل بجمعة اسمها جمعة " اقرأ باسم ربك الذي خلق " ولم نكن نرى الجنود الذي يقومون بتفتيش المارة في طرقات العاصمة وهم يرفعون بجانبهم لافتات كُتب عليها ظلما وبهتانا " لا تحرموا الأطفال من التعليم " فمن الذي حرمهم بربكم يا أهل العقل ويا أهل العلم ؟
لو كان هناك اناس يتكلمون عن التعليم من قبل ، كانوا سيقدمون خدمة عظيمة لطلابنا حينما كانوا بحاجة الى من يقف بجانبهم ويناصر قضاياهم وحقوقهم ومطالبهم
من يتباكون اليوم عن نصف عام أو عام من الحرمان ، كان عليهم أن يتكلموا عن 33 عاما من الجهل والبطالة .
ماذا قدموا للتعليم ، للمعلمين ، للطلاب ، للمدارس ، للمناهج الدراسية، لقضايا التعليم في اليمن ؟ لم يقدموا شيئا لكل هؤلاء ، الا يستحون الآن وقد عرفناهم وعرفهم الشعب وعرف زيفهم وقبحهم ؟
يابقايا الجهل والتخلف ماهو التعليم في نظركم وماهو التعليم الذي تريدونه لهذا الشعب ؟
ما المناهج الدراسية التي تدرسونها وتلقونها هؤلاء الطلاب المغلوبين على أمرهم ، ما شكلها ، ما لونها ، ما محتواها ، وما أثرها على التحصيل العلمي والمستوى الثقافي والعلمي للطلاب ؟
ما المستقبل الذي ينتظر مئات الألاف من الطلاب الذين قُدر لهم أن يتعلموا (من تعليمكم هذا) ووصلوا الى المراحل الثانوية والجامعية ؟
هل أنتم جاهزون لاستقبالهم في مكاتب الخدمة المدنية ، ما الأعمال التي ستوكلوها اليهم في المستقبل (هذا اذا وظفتموهم ) فكيف بمن لم يجد وظيفة لديكم ،ماذا يفعل ، أين مصيره ياترى ؟
ماذا عن ظاهرة تسرب الطلاب من المدارس والمنقطعين عن الدراسة ، أليس حري بكم أن تسألوا انفسكم لماذا ينقطع هؤلاء عن الدراسة ؟
ماذا عن المعلمين الذين يعلمون هؤلاء الطلبة ؟ وماذا قدمت لهم دولة الجهل والتخلف ؟ كيف هو وضعهم ؟
هل كل معلم يعمل في مجال تخصصه ؟
هل قامت الدولة بتأهيلهم وتطوير خبراتهم والاستفادة منها حتى يستطيعوا ان يقدموا شيئا مفيدا للطلاب ؟
فلماذا اليوم نسمع من يكثر التباكي والنحيب على طلاب اليمن ؟؟؟  ياللعجب ؟!
أين كان هؤلاء من قبل ؟
منذ عشرات السنين والتعليم في اليمن يدمر ويحارب من قبل الحاكم الجاهل ولم نسمع لأحد صوتا واحدا ينادي بتحسين التعليم أو الارتقاء به الى المستوى المطلوب ، لم نسمع أحد من هؤلاء يشجب تلك الممارسات التعليمية الخاطئة التي ينتهجها هذا الحاكم في تعليم ابناء شعبه.
ايها الاخوة والاخوات يامن تقرأون هذه الكلمات بربكم ماذا يريد التعليم حتى نستطيع ان نقول ان طلابنا يتعلمون ، وأن في بلدنا تعليم ؟
يا أولياء الأمور، اسألوا من تريدون كيف هو حال التعليم في بلادنا وما وصل اليه ؟ نريدكم أن تردوا على هؤلاء بما يخرس افواههم التي لا تتفوه غير الكذب والإدعاء ، نريدكم أن تردوا عليهم بما يكبح نشاطاتهم العدائية ضد العلم والتعليم في بلادنا ، هؤلاء لا يريدون الخير لهذا البلد ولن تعرف اليمن شيئا من الازدهار في ظل وجودهم على سدة الحكم ، فلابد من أن نكبح جماحهم ونوقف هذه المهزلة الحاصلة والفوضى والعبثية والعشوائية المدمرة التي ينتهجها علي صالح وعصابته في تسيير امورنا وقيادة السفينة المتهالكة نحو المجهول
والى من ينادي بعودة الطلاب الى المدارس والجامعات اكرر تساؤلاتي :
هل المطلوب هو عودة الطلاب الى المدارس والجامعات فقط ؟ ماذا بعد ؟
لنفترض أننا عدنا ، ما هو الجديد في الأمر ، ما الذي تغير ياهؤلاء ؟
هل المطلوب هو عودة الطلاب الى المدارس كي يقال : اقبال كبير في اول يوم دراسي ؟!
هل نعود من أجل توفير مادة صحفية لوسائل الإفلاس الرسمي أمام الرأي العام ؟
هل نعود من أجل استغلال العملية التعليمية بإسمنا وتوظيفها توظيفا سياسيا دنيئا لن يخدم إلا بقايا الجهلة والتخلف والنظام المتسلط على العباد والبلاد ؟
نعم ايها الإخوة إنهم يريدون عودتنا من أجل ذلك كله ، هم يتمنون ذلك من أجلهم فقط ، ونحن يجب أن لا نعطيهم تلك الفرص ولن نعطيهم مايريدون مهما كان حجم التضحية .
وإلى اولياء الأمور أوجه رسالة خاصة :
إن الثورة لتحترم حرصكم على تعليم ابنائكم واكمال عامهم الدراسي هذا ، ولكنها تدرك مدى همجية هذه العائلة المستبدة واستهتارها بكل القيم والقواعد الاخلاقية والانسانية ، ويعلم الله أنهم ناصبوا التعليم العداء ، واوصلوه الى الحضيض بمحض ارادتهم حقدا على ابناء هذا الشعب . فإن كنتم حريصون فعلا على ابنائكم وبناتكم فدعوا هذا الخوف جانبا واخيفوا من يتربص بأبنائكم شرا ، وحرصاً على سلامتهم وخوفا من وقوعهم تحت نيران العصابة الجاهلة فننصح بعدم الذهاب الى المدارس او الجامعات أو ما يسمى بالأماكن البديلة وذلك لكثير من الاسباب
أولا : لوقوع أكثر من 200 مدرسة حسب منظمات حقوقية في مناطق الخطر ، وقد نادت هذه المنظمات بسرعة اغلاق المدارس وتأجيل الدراسة حتى يتحسن الوضع الأمني .
وثانيا : لأن أكثر المدارس قد حولتها عصابة الظلم والإجرام الى ثكنات عسكرية لا يصلح فيها التعليم بأي حال من الأحوال .
ثالثا : لأن هناك استهداف مباشر وغير مباشر للمدارس الواقعة بالقرب من المناطق التي تحدث فيها مواجهات مسلحة .
رابعا : لسقوط الكثير من حالات الوفاة من الطلبة خصوصا الأطفال إما نتيجة لقذائف متساقطة أو رصاص قناصة أو شظايا .
وكلها امور باطلة يصطنعها نظام الباطل وأهله الواهمين بأنهم مازالوا يمسكون بزمام الأمور في البلد والحقيقة أنهم قد وصلوا الى أدنى مراتب السقوط السياسي والاخلاقي والديني ،وسيتساقطون قريبا وسيحاكمون على كل قطرة دم سفكوها ، وما نداءاتهم المتكررة بعودة الطلاب الى المدارس إلا كلمة حق يراد بها باطل لا يمكن لأي عاقل أن ينجر ورائهم أو أن يصدق مزاعمهم بعد اليوم ، ولا يمكن بأي حال من الأحوال التعامل معها على أنها نوايا حسنة بل هي نوايا سيئة لا تصدر إلا من أناس اساءوا الى ابناء هذا الشعب واساءوا الى الوطن واساءوا الى العلم والتعليم ، أناس استمرأوا الكذب والزيف ولم يقدموا للوطن والمواطن شيئا بقدر ما قدموا لأنفسهم ، لذلك ندعوا ونكرر ندائنا بمقاطعة التدريس سواء في المدارس او في الجامعات نظرا للظروف الثورية التي تمر بها بلدنا الحبيب اليمن ، ونؤكد على أنه في حال التخلص من بقايا النظام ونجاح الثورة (وهذا مؤكد وقريب بإذن الله) ستعود الأمور الى أفضل مما كانت عليه ، وسيتم تعويض كافة الطلاب ، فالثورة لن تظلم أحدا من الناس ولن تأخذ حق أحد ولن تضيع جهد أحد . 
النصر للثورة ... الخلود للشهداء ... المجد لليمن
ولا نامت أعين الجبناء

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق